• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

الإسلام الكامن والوصول إلى الخط الأحمر

الإسلام الكامن والوصول إلى الخط الأحمر

   إنَّ كلَّ من زار الجمهوريات الإسلامية بأسيا الوسطى وسمع من أهلها ما كانوا يعانونه من الاستعمار الروسي في المجال الديني, وما تخلل تلك الفترة من قصص مروعة حدثت للبشر والتراث الإسلامي معا, يجزم أن جذوة الإسلام وشعلته الوقادة لم يعد لها أثر في نفوس تلك الشعوب بفعل الضغوط والتصرفات القاسية التي كان يمارسها الروس على شعوب تلك البلدان من أجل القضاء على دينهم وطمس هويتهم.

 

   وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة,إلا أن هناك نقاط ضوء تلوح من بعيد صنعها الإسلام الكامن في نفوس تلك الشعوب, هذا الإسلام الذي قد لا تتوهج جذوته في كل الأوقات في نفوس أولئك الناس نتيجة القهر الممارس عليهم من قبل المستعمرين, كما أنه قد لا يتجسد في الشكل الجماعي لنفس الظروف, لكنه يكون وقادًا عندما يتعلق الأمر بالخط الأحمر عند الأفراد الذين يعيشون مع إسلامهم الكامن.في نفوسهم, وهنا أسرد لكم قصة رواها الكاتب الروسي بتراش يوجي في كتابه الموسوم الإسلام حيث ذكر من أحداث حياته أنه تعرف على فتاة طاجكية – من طاجيكستان إحدى الجمهوريات الإسلامية التي كانت تحت حكم الاتحاد السوفياتي – فأحبها وتعلق بها, فقرر الارتباط بها بعلاقة زواج ولم يكن يخطر بباله إطلاقًا أن مانعًا قد يعترضه في تحقيق هذا الهدف النبيل, لأنه كان يعلم يقينا أن الجيل الذي نشأ في دولة الاتحاد السوفياتي لا يعرف شيئا عن الإسلام, ولا عن تعاليمه فضلا عن الالتزام به, ويمضي الكاتب قائلا: أنه تقدم لتلك الفتاة طالبا يدها للزواج – ولم يكن يساوره أدنى شك في حصول ذلك ووقوعه– فجاءه الرد مدهشا له, حيث قالت له الفتاة: أنا مسلمة والمسلمة عندنا لا تتزوج إلا مسلما, وممنوع عليها في ديننا أن تتزوج غيره, فإذا كنت تريدني حقا فما عليك إلا أن تعلن إسلامك أمام أهلي وعشيرتي وتختن نفسك, وإذا لم يحصل هذا منك فلن يقع شيء مما تريد.  

 

   فالكاتب يتعجب كيف يأتيه هذا الرد من فتاة ولدت ونشأت وتعلمت في أحضان الاتحاد السوفياتي الذي مارس جميع الوسائل في سبيل  طمس الهوية الإسلامية والقضاء عليها من ذاكرة الشعوب الإسلامية التي كانت تحت سيطرته.

 

وإلى جانب هذه القصة المثيرة, هناك قصص أخرى تشابهها أو تفوقها في جميع أنحاء الجمهوريات الإسلامية حيث كان البلاء عاما.

 

   وكانت هذه المواقف النبيلة أكثر وقوعا في العائلات التي لاتزال أنذاك تحافظ على الشعائر الدينية وتعلمها لأبنائها وتطبقها في حياتها اليومية, ولكن كل ذلك كان يحدث سرا وبعيدا عن أعين الروس وأعوانهم من أهل تلك البلاد, بل الكثير منهم كانت لهم سراديب تحت الأرض يختلون إليها عند ممارسة شعائرهم الدينية أو تعليم أبنائهم القرآن أو بعض مبادىء العلوم الدينية.

 

   فعلا لقد كانت فترة قاسية من الناحية الدينية وقد كشف الله ضرها وغمها ورفعه  عن البلاد والعباد والحمد لله أولا وآخرا.

 

 

  

          

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.