• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

الشيخ إسماعيل أحمد الناليكوتي: عالم كيرالا في ذمة الله

الشيخ إسماعيل أحمد الناليكوتي: عالم كيرالا في ذمة الله

في ظهر يوم الأحد 29 ربيع الآخر من عام 1432 هـ, الموافق لـ:          3 أبريل 2011 م, طوى محدِّث كيرالا وعالمها الشيخ إسماعيل أحمد الناليكوتي كتابه في هذه الدنيا ليقدمه بيمينه بإذن الله بين يدي رب العالمين, ومعه ودعت الهند والمسلمون بها أحد رجالاتها العظام عن عمر يناهز اثنين وسبعين عاما, قضى خمسين منها في البذل والعطاء العلمي تدريساً وتصنيفاً وخدمة للدعوة الإسلامية, وغيرها من الأعمال في خدمة هذا الدين.  

ولد الشيخ إسماعيل أحمد الناليكوتي سنة 1939 م بمدينة ناليكوت بولاية كيرالا ونشأ يتيماً, حيث توفي والده وهو ابن سبع سنين, ومن يعيش في الهند أو أقام فيها فترة معينة يعرف مدى الصعوبات والعقبات التي تعترض اليتيم في حياته هناك, وبخاصة في طلب العلم مهما كان نوعه, ولكن شيخنا بتوفيق من الله تعالى تجاوز جميع تلك العقبات والصعوبات في سبيل طلب العلم، حيث يسَّر الله له الدراسة على يد كبار علماء عصره, مثل العالم الرباني الكبير عبد الرحمن الفضفري، ثم سافر في طلب العلم إلى شمال الهند، حيث أخذ على يد علمائه معظم العلوم الإسلامية؛ مثل التفسير والحديث والفقه والعقيدة والتصوف واللغة والمنطق والصرف والنحو والمعاني والفلك والرياضيات ومقارنة الأديان والمذاهب, وغيرها.

وقد تقلَّب الشيخ إسماعيل في مناصب عديدة، فإلى جانب التدريس في كلية الشريعة بجامعة مركز الثقافة السنية بمدينة كرانتور, والقضاء بمدينة ماليبرم, كان يشغل قبل وفاته منصب نائب رئيس جمعية العلماء بعموم كيرالا  وكذا نائب رئيس جامعة مركز الثقافة السنية، كما اشتغل بالتأليف والوعظ أكثر من خمسين عاماً، فقدم للمجتمع أكثر من عشرة آلاف تلميذ وعشرات الكتب باللغتين العربية والمليبارية، ومعظم أعلام الدعوة الإسلامية في ولاية كيرالا هم تلامذته,  كما كان له نشاط بارز في جميع مناحي الحياة الاجتماعية بولاية كيرالا.  

والعلامة الشيخ إسماعيل هو أحد المحدثين الكبار في هذا العصر، وقد لقب بشيخ الحديث في موطنه بلقب"شيخ الحديث" حيث كان من الشخصيات البارزة التي يشار إليها بالبنان في الحديث وعلومه في الهند.

  لقد ترك فضيلة الشيخ من خلفه ثروة علمية كبيرة أنتجتها قريحته، وتركت أثراً كبيراً في إحياء المعارف الإسلامية سواء باللغة العربية أو باللغة المليبارية، كما يعدُّ أحد رموز في الأدب الإسلامي باللغة المليبارية، وله نتاجات علمية عديدة يلجأ إليها العلماء والطلاب على حد سواء.

       ومن أهم مؤلفاته التي كتبها باللغة العربية؛ فقه السنة, وعقائد السنة,  ومرقاة المشكاة, وتحقيق جمع الجوامع, وشرح الجلالين, والشواهد النحوية والصرفية, ومختصر الخطبة النباتية, وكتب باللغة المليبارية؛  توحيد أورو سماكرا بدانام ( دراسة شاملة عن التوحيد ), ومتانغليلوذي أورو بدهنا بريادهانام ( رحلةُ في علم الأديان)، إضافة إلى مقالاته وبحوثه في الجرائد والدوريات.

ولقد منَّ الله تعالى علينا بالسفر إلى الهند مرات كثيرة والالتقاء بعدد من العلماء، ومن بينهم الشيخ إسماعيل الناليكوتي, حيث كنت ألتقي به عند زيارتنا لمركز الثقافة السنية, وكنا نجلس إليه ونسمع من علمه الشيء الكثير، كما كنا نستفيد منه في معرفة تاريخ الهند وعادات شعبها على تنوع طوائفه, حيث كان صاحب علم غزير, وكان يقيم في جامعة مركز الثقافة السنية ولا يغادرها إلا آخر الأسبوع عندما يذهب إلى بيته لزيارة أهله.

 وكان صاحب خصال جليلة, يجتنب مخالطة الناس, ويحفظ لسانه عن إيذائهم, يصل ليله بنهاره في خدمتهم, صاحب رأي سديد, وكان دقيقاً في التحقيق والتدقيق, ووفاته تعد خسارة كبيرة للعلم ولجامعة مركز الثقافة السنية

 

إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون, وتغمد الله الفقيد بواسع رحمته. آمين

 

 

 

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.