• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

بين رفوف الهند

ونعني بالرفوف هنا خزائن المخطوطات الإسلامية بالمكتبات الهندية سواء العامّة أو الخاصة، ونعني بالذات جنوب الهند الذي يسّر الله زيارة مكتبات عديدة به .

وإنّ ما يجعل عقل المرء عاجزًا عن التفكير هو استمرار الظروف في عبثها بتلك المكتبات وإحالتها إلى العدم شيئًا فشيئًا؛ لأنها تعلم يقينا أنه لا أحد يسألها عما تفعله ولا حول ولا قوة في إيقاف تدميرها ويستوي في هذا الأمر المخطوطات التي وضعت على رفوف مكشوفة أو التي وضعت في خزائن معلقة، فكل يأخذ نصيبه من فعلها.

ولعلّ الإنسان يسأل أين أصحاب هذه المكتبات والقائمين على الكليّات والجامعات أمام هذا الوضع، فالإجابة سهلة وبسيطة الاهتمام بتعليم الإنسان أولا؛ لأن كل عمل يتطلب مالاً وأنّ ما لديهم وما يأتيهم من أموال لا يكفي حتى لتوفير مقاعد دراسة لكل الناس ، وبخاصّ’ الأيتام والفقراء منهم، ومن ثم فلا مجال في صرفه على إصلاح مخطوط أو ترميمه، وكل ما يمكن القيام به لديهم جميعًا، هو عزل المخطوطات التي ساءت حالها، بحيث لا يمكن لطلبة العلم استخدامها في أماكن أو خزائن خاصّة ليتركوا مسؤولية إتلافها للظروف لتعدمها بطريقتها الخاصة، وإنّ أقل ما يقال عن هذا العمل أن إتلاف تلك المخطوطات هو إعدام لأئمة أعلام وإقصاء لأفكار رجال من أن يكون لها دور في بناء المجتمع وخروجها إلى نور الثقافة والعلم والحضارة.

ولم يفلت من مخالب هذا العمل إلا مكتبات قليلة مما اطلعنا عليه مثل مكتبة جامعة مدارس الحكومية ومكتبة المدرسة المحمدية نصيبًا ولكني لا أظنه تقاوم طويلاً إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه؛ فالمكتبات كلها سواء في اعتقادها للوسائل الضرورية اللازمة لصيانة المخطوطات والكتب النادرة والمفترض أن تكون متوافرة في كل مكتبة تأمل أن تكون مواكبة لمتطلبات العصر فضلاً عن الوسائل التكنولوجية المتطورة .

وإن كان أمر ترميمها يرجع لقلة المال فإن ترميمها في رفوفها وفهرستها وتنظيمها أمر ممكن من خلال القائمين عليها ولا يحتاج إلى كثير أموال.

وقد حاورت أحد القائمين على هذه المكتبات وهو الدكتور شمس الدين، وقلت له إن هذه المكتبات إذا يعني أمرها على هذه الحال فإنه لا يمكنها الاستمرار في الوجود أكثر من 100 سنة، فقال: أنت متفائل بل حتى 50سنة فقلت، وهل يرضيكم هذا فقال بالطبع لا ولكن ماذا نفعل . المسلمون هنا فقراء ونحن نسعى لتعليمهم أمور دينهم وتوفير لقمة العيش لهم.

نحن يا دكتور يختلف وضعنا عن وضعكم في البلاد العربية، فنحن نسعى للحفاظ على الناس وعلى دينهم وعقيدتهم أولاً لأننا لو حرمنا ما لدينا من أموال وهو قليل أصلاً على حماية المخطوطات وصيانتها لضاع معه دين خلق كثير فالأمر متعلق برعاية الأولويات وموازنة المصالح والمفاسد ويمكن لكم أن تتحملوا عنا مسؤولية حماية التراث الذي استنفزت منه ... الكبيرة ببلاد الهند.

والحقيقة أن هذه الأعذار لا تعفي أبناء الهند من مسؤولية ما يحدث لهذا التراث في قابل الأيام إذا لم يصلح حاله وفي نفس الوقت تحمل لأغنياء العرب فقط منها.

والغريب أنك إذا اقتربت من أي مخطوط وأخذته بيدك تقلب أوراقه همس في أذنك وقلبك قائلاً خذ ما استطعت مما أودع في من العلم فإنك لا تجدني المرة القادمة. فهذه المخطوطات تستغيث فهل من مغيث...

والله الموفق لما فيه الخير والصواب

مدير التحرير..

 

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.