• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

المكتبة السعيدية من جواهر حيدر آباد العلمية

المكتبة السعيدية من جواهر حيدر آباد العلمية

 

تعرف هذه المكتبة عند أهل العلم باسم المكتبة السعيدية المشهورة، نسبة إلى صاحبها محمد سعيد بن محمد صبغة الله، المعروف بالقاضي بدر الدولة، الذي كان يقيم بمدينة مدراس ( تنشناي) حاليًا عاصمة ولاية تامل نادو بالهند، وهناك ولد محمد سعيد, وهو ابن صبغة الله من الزوجة الثانية.

والمكتبة السعيدية شقيقة المكتبة الخليلية لصاحبها؛ أبو محمد خليل الله وهو ابن محمد صبغة الله من الزوجة الثالثة.

بعد وفاة القاضي بدر الدولة محمد صبغة الله رحل أبو محمد خليل الله وأخوه محمد سعيد من مدراس إلى حيدر آباد؛ حيث استقرا هناك، وكان مع كل واحد منهما عدد من المخطوطات التي ورثاها من تركة أبيهم، وكانت هذه المخطوطات النواة الأولى لمكتبة كل منهما، وبقيت الغالبية العظمى من مخطوطات تلك المكتبة بمدراس؛ حيث توجد الآن بالمكتبة المحمدية والرحمانية.

ولم يكتف محمد سعيد بما ورثه عن أبيه من المخطوطات بل زاد عليها كثيرًا بجميع طرق الاقتناء، وقد ساعده في ذلك منصبه كقاضٍ في مدينة حيدر أباد, مما مكنه من جمع عدد كبير من المخطوطات؛ حيث تذكر بعض الروايات الشفوية ممن عاصروا المكتبة أن عدد المخطوطات فيها قد وصل إلى نحو 8000 مخطوط, وهي بذلك تعد من أكبر المكتبات الخاصة بالهند تحت ملكية إحدى العائلات العلمية العريقة بحيدر أباد.

وقد تعرضت المكتبة السعيدية لحريق متعمد من قبل بعض الهندوس المتعصبين؛ حيث كان مقر المكتبة يوجد بالمنطقة التجارية بمنطقة تشار منار (المنارات الأربع) بالمدينة القديمة بحيدر أباد، وكان الناس يؤمون المكتبة من كل مكان, ونتيجة لسفر أغلب أفراد العائلة إلى الخارج تم غلق المكتبة مؤقتًا إلى أن يتم ترتيب الأمر من جديد وإعادة فتحها, في تلك الأثناء حاول عدد من أصحاب المال شراء مقر المكتبة؛ نظرًا لأهميته التجارية بسبب موقعه, لكن أصحابها رفضوا بيع المحل ونقل المكتبة إلى مكان آخر، وكانوا يرون أن ذلك المقر هو المناسب لها والمعروف لدى الناس في الهند وخارجه, فعمل أولئك الرجال على استئجار أشخاص قاموا بحرق المكتبة ليلاً فذهبت اثنتان من خزائن المخطوطات، وسلم الباقي بحمد الله بعد تدخل الناس؛ لأن تلك المنطقة يسكنها عدد كبير من المسلمين, وبعد هذه الحادثة قامت العائلة ببيع المحل وشراء بيت متواضع قرب منزل العائلة في تشار قنديل، ووضعت فيه المكتبة, ومع هذا لم تسلم من النهب ففي هذا المنزل تسلل مجموعة من اللصوص، وسرقوا جميع أقفال الصناديق القديمة الموجودة بالمكتبة؛ لأنها كانت من الفضة الخالصة.

وقد قررت العائلة المالكة للمكتبة بعد حادثة سرقة الأقفال هدم المنزل القديم الذي توجد فيه المكتبة، وبناء مقر جديد للمكتبة مكانه, وقبل عملية الهدم تم نقل المكتبة إلى بيت السيدة كريمة بنت خليل الله بن صبغة الله، وقد تولى فريق مركز جمعة الماجد العامل بحيدر أباد عملية النقل للمكتبة، وقد تم تمويل مشروع البناء من قبل الدكتورة عائشة ريحانة من مالها الخاص وكذا ما ورثته من أمها السيدة سعيدة بيغم التي كانت هي المالكة للمكتبة، وقد من الله علينا بلقائها والتحدث معها عن تاريخ المكتبة قبل وفاتها، لكن المكتبة بعد اكتمال البناء الجديد لا تزال مغلقة حتى الآن، ولا يستطيع أحد أن يستفيد منها؛ وذلك لوجود معظم أفراد العائلة في خارج الهند، أو في مدن هندية بعيدة عن مدينة حيدر أباد؛ حيث يوجد مقر المكتبة.

ولقد وفقنا الله للاطلاع على المكتبة في المنزل القديم، وهي مكتبة غنية بالذخائر العلمية، والكنوز المخفية، نسأل الله الكريم أن ييسر فتحها ليستفيد منها العلماء والباحثون وطلبة العلم.  

حفظ الله المكتبة من كل سوء، ووفق أهلها لفتحها للناس من جديد...

 

د. عز الدين بن زغيبة

مدير التحرير

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.