• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

حرية التصرفات المالية في الإسلام ومدى سلطة ولي الأمر قي تقييدھا

حرية التصرفات المالية في الإسلام ومدى سلطة ولي الأمر قي تقييدھا

الحمد لله المتفرِّدِ بنعمة الخلق والإيجاد, المتوحِّد بمنَّةِ الإنعام والإمداد, والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ خيرِ العباد، وعلى آل بيته وأصحابه الأسياد.

إن الحريات مهما كان نوعها وطبيعتها, فإنه من الصعب الفصل بين أنواعها؛ لأنها وصف كليٌّ لا يقبل التجزئة, ولذلك نجد أنه إذا فُقِدَ نوع منها عاد على أصلها بالاختلال, وإذا كانت حرية الإنسان مرتبطة بحياته, فإنه متى فقدها فقد ذاته, فهي حاجة ملحة له, وضرورية لحياته, وليست حقاً بإمكان الإنسان أن يتخلى عنه؛ بل هي واجب عليه، وفريضة وأمانة, ومن ثم جاء حرص الشريعة على عد الحرية مقصدا من مقاصدها الضرورية, واستقراء ذلك واضح من تصرفات الشريعة التي دلت على أن من أهم مقاصدها إبطال العبودية وتعميم الحرية, حرية الذات والقول والفعل والتصرف والاختيار, وفق ضوابط وقيود تحكم استعمالها حتى لا تعود على الفرد والمجتمع بالضرر. 

فالإسلام لم يأتِ ليجبر الناس على أن يسيِّروا حياتهم, وينظموا تعاونهم فيما بينهم, وسعيهم في تحصيل ضرورياتهم وحاجاتهم, وإقامة مصالحهم ومصالح من هو تحت نظرهم, وحظوظ الجميع الدنيوية, ضمن قوالب تشريعية, وأحكام سلطانية لا يمكنهم الخروج عليها, أو الاجتهاد فيها, وإنما وضع أصولاً وطلب المحافظة عليها, وحد حدوداً ودعا إلى عدم الاعتداء عليها، ونشر قيماً في الناس وطلب مراعاتها وعدم خرقها, وما عداه فقد أعطى فيه للإنسان حريته في السعي والطلب والابتكار والإبداع، ووضع الضوابط والشروط لما يدخل فيه من التصرفات, ما لم تحرم تلك الشروط حلالاً, أو تحل حراماً, أو تؤدي إلى معصية الخالق, بل طلب منه التأمل والنظر والتفكير والتدبير في شؤون نفسه ودنياه وآخرته وما يصلحهما من تصرفاته وأفعاله على الضوابط الشرعية, والأعراف المرعية؛ لأن كل إنسان أدرى بأمور دنياه من غيره, وكل مجتمع أدرى بما يَصلُحُ له ويُصلِحُ أمره من غيره, وعلى هذه المعاني فتح له باب الاجتهاد مطلقه ومقيده, وفق ضوابط تحفظ ذاته وكيانه ونظامه ومنظومته الاجتماعية, وتحقق له الغاية السامية من اجتماعه المبنية على التعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان.

  ولم تكن حرية التصرفات المالية وغير المالية، مطلقة في أي تشريع سماوي وغير سماوي, ولا في عرف أي مجتمع كان، بغض النظر عن طبيعة تلك القيود والحدود التي يراها كل تشريع ومجتمع, وكذلك الذرائع المعتبرة عنده من جهة الغلق والفتح.

  وقد خولت الشريعة لولي الأمر تقييد حرية التصرفات المالية للأشخاص الحقيقيين والاعتباريين, إذا وقع منهم ما يستدعي ذلك, أو إذا كانت أوضاع البلاد الاقتصادية والأمنية والاجتماعية تتطلب نوعاً من تلك التقييدات, أو لما يراه هو من التقييدات الضرورية, من أجل الصالح العام, وكل ذلك في إطار الضوابط التي سيتناولها هذا البحث في العناصر الآتية:

أولا: الشريعة وحرية تصرف المكلفين في أموالهم.      

ثانيا: ما لا تجري فيه حرية التصرف المالية.

ثالثا: ضوابط حرية التصرف المالي للمكلفين.

رابعا: مدى سلطة ولي الأمر في تقييد حرية التصرفات المالية.

 

                              من يرغب في الحصول على البحث كاملا فإننا ندعوه بكل لطف وتقدير للتسجيل في الموقع  هنا

جزء من النص

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.