• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

لماذا نجح الغرب في إدارة أعماله؟

لماذا نجح الغرب في إدارة أعماله؟

       إن النسبه المتقدمة التي يحرزها الغرب في نجاح إدارة أعماله الفنيّة والتقنية، ومشاريعه الصناعية، وما نتج عن ذلك من تطور مذهل في وسائل الحياة اليومية، جعل العقل العربي يقتنع إلى حد ما بفكرة المستحيل في اللحاق بأولئك الناس، فضلاً عن التفوق عليهم، وبخاصة وأن علماء الاجتماع يقدّرون الفارق الزمني بيننا وبين الغرب في مجال التطور الحضاري بنحو خمسين سنة.

      

       ولإن كان التفكير العربي الإسلامي على تنوع مساريه، واختلاف توجهاته، مجمع على أنّ الزلزال العنيف الذي ضرب منظومة القيم الأخلاقية، والتربوية، والسياسية، نسيج السلوك الاجتماعي، وقواعد التعاون الجماعي للأمة، هو الذي أحالها من دائن إلى مدين، تبلغ مديونيته الحضارية خمسين سنة من التطور المستمر، فإن هناك تباين كبير في تشخيص الأسباب التي أدّت إلى الازدهار المذهل في الحياة العلمية والتقنية بالغرب، ولقد أنفقت أقلام المفكرين حبراً كثيراً في هذا الباب.

 

       ولكننا في هذا المقال القصير، نريد نقل الفكر العربي إلى زاوية أخرى ظلت مجهولة لديه زمناً طويلاً، وتحسبها واحدة من أقوى الأسباب التي ساهمت في نجاح الغرب في إدارة أعماله وبناء تطوره.

 

       إن حركة الترجمة المحتشمة من اللغات الفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية والإيطالية واليابانية في الفترة الأخيرة للأعمال العلمية المتعلقة بالتطور الإداري والتقني والفني، وإدارة الأعمال والتجارب الناجحة في المجال الإداري، وتجارب الإنقاذ لمشاريع صناعية وخدماتية كادت أن تفلس التي رواها أصحابها وقادتها مع بيان الوسائل والكيفيات التي تمّ إتباعها والتزامها وآليات تنفيذها قد كشفت عن أمر عظيم يستوقف الفكر والنظر.

 

       إنّ المتتبع لتلك الأعمال يلاحظ أنّ القواعد والنظريات التي أسَّسَتْ للإدارة الناجحة والبناء التقني والفني الأخّاذ، ترجع في جانب منها إلى الملاحظات والمشاهدات التي استفاد أصحابها من خلال مراقبتهم لتصرفات الكائنات الحية في الطبيعة، والتعرف للكيفيات التي تتعامل بها وتتعاون بناء عليها فيما بينها ومع غيرها، أو إلى أفكار مستندة إلى ملاحظات ومشاهدات وتجارب سابقة في نفس المجال .

 

       إنّ الاعتماد في بناء القواعد والنظريات على ما سبق بيانه، هو اعتماد على القانون الإلهي، وإن لم يؤمنوا بذلك أو يسلموا به؛ لأنّ جميع الكائنات الحية التي يزدحم بها البر والبحر والجو، مما نعلمه وما لا نعلمه، لا تخرج في حركاتها وسكناتها عن الفطرة التي فطرها الله عليها قيد أنملة، فهي ليست كبني البشر الذين يبدلون ويغيرون ويحرفون الكلم عن مواضعه.

 

       فالتعلم من تلك الكائنات والأخذ عنها هو أخذ وتعلم من القانون الرباني، لذلك يكون تطبيقه والاستفادة منه يعطي نتائج جيدة جداً وتفضي إلى تجارب وأعمال ناجحة للغاية .

      

       وهذه فكرة نسوقها بين يدي الباحثين لينظروا فيها ويطوروها بدراساتهم وأبحاثهم عسى الله أن ينفعنا بها في حياتنا

والله والموفق لما فيه الخير والصواب

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.