• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

زواج المسيار

      إن زواج المسيار قد أصبح ظاهرة في كثير من البلدان الإسلامية وبخاصة الخليجية منها ولو تأملت شريحة المنخرطين فيه من النساء والرجال واستقرأت أحوالهم وظروفهم لتبينت لك الأسباب الدافعة إليه والتي يمكن تلخيصها فيما يأتي: عنوسة المرأة ,أو طلاقها ,أو ترملها – عدم تقبل كثير من النساء لمسألة التعدد على الرغم من أنها تشريع رباني وليس بشري – كما أن حاجة بعض النساء للبقاء في بيوت آبائهن لحاجة أبويها إليها يعد واحد من تلك الأسباب – كما أن رغبة الرجل في المتعة من غير مشاكل ومشاغل وكثير إزعاج له من تلك الأسباب نصيب بل الحظ الكبير من المشكلة – ويرتبط بهذا السبب رغبة شريحة من الرجال في عدم تحمل مزيد من التكاليف وأعباء الحياة بالزواج الجديد – وقد يضاف إليها غلاء المهور في بعض البلدان الإسلامية كذلك عدم استقرار الرجل في عمله يعد دافعا أيضا لمثل هذا النوع من الزواج كما أن أصحاب الهيئات وذوي المروءات وأرباب الأموال قد يفضلون هذا النوع من الزواج هروبا من ملاحقة ألسنة الناس لهم واتهامهم بالشهوانية وحب النساء والانشغال بهن عن عظائم الأمور.

      ولو تفحصت صورة زواج المسيار لوجدته يفتقد المبيت والسكن والنفقة في كثير من الأحيان مع لفه في غطاء السرية شبه الكاملة مخافة علم الزوجة الأولى أو ذويها أو من يدلي إليها بسبب أو خصم لهما يرغب في النكاية والشماتة

      ولوعقدت مقارنة بسيطة بين نكاح السر الذي منعه مالك رضي الله عنه وجمهور أصحابه وقالوا بفسخه قبل الدخول وبعده إن لم يطول ومعاقبة الشهود الذين شهدوا عليه إذا كانوا على علم بسريته وتواطئوا مع الزوجين على ذلك  لوجدته أكثر حظا من زواج المسيار في الشروط والأركان من جهة الشريعة فإذا منع الأول فكيف يحل الثاني .

      إن أصل الشريعة المكين وقاعدتها العظمى في المناكحات هي الاحتياط في الفروج وهذا معناه الاعتناء بأركان الزواج وشروطه ورعايتها أقصى ما يمكن لا إسقاط بعضها والتنازل عن البعض الآخر تحت ذرائع أوجدوها ثم تذرع بها .

      إن الشريعة لما شرعت النكاح شرعته بنفس الشروط والأركان للصغيرة البكر والعانس والمطلقة والأرملة دون أي فرق فلو كان المسيار زواجا شرعيا كاملا وصحيحا سالما من العلل لما رده الأولياء عن بناتهم الأبكار الصغار.

      أي زواج هذا الذي يتخلى فيه الزوج عن جميع مسؤولياته تجاه زوجته إلا عن جسدها حيث تنخرم معه جملة من الأحكام الشرعية والآداب المرعية ولا يهم الزوج من تلك الحياة الزوجية إلا الساعات القليلة التي يقضيها مع زوجته .

      أي زواج هذا الذي يمنع بسريته الجمع بين الأشقاء ويقطع الأرحام ,والرحم معلقة بالعرش تنادي اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني .

      والأدهى من هذا كله إذا كان الزواج مسيارا وعرفيا .

      فلو تركنا هذا كله جانبا وليسأل الزوج نفسه لو قدر الله أجله وله زوجة من زواج المسيار في بلد ثاني غير بلد إقامته وله منها نسل لا يعلمون عن إخوانهم شيئا في البلد الثاني ألا يفكر هذا بأنه قد يقع مالا تحمد عقباه بسبب فعله وسوء تقديره .

      إن الله سبحانه وتعالى قد أقر التعدد في شرعه بنص صريح لا لبس فيه ولا إخفاء فلماذا يترك هذا إلى المسيار فإن كان خوفا من غضب الزوجة فيما أحل الله, فالله أحق أن يخاف من غضبه عندما تتجاوز حدوده بذرائع واهية .

      والذي يمكن قوذه في النهاية إن زواج المسيار ما هو إلا متعة مغلفة بغطاء شرعي مصطنع والبعد عنها أسلم وأحوط للدين والعرض .   

 

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.