• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

وطني تكون... عندما نكون

        إنّ الوطن الذي نقصده ليس قريتك التي ولدت فيها، ولا مدينتك التي تعلمت فيها وترعرعت، ولا البلد الذي تحمل اسمه وجواز سفره، ولا البلاد التي هاجرت إليها طوعًا أو كرهًا؛ لتقضي فيها بقية عمرك.

        إنما الوطن الذي نقصده ونريده هو بلادنا العربية، التي هي قلب بلادنا الإسلامية، وإذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، هاته البلاد لسان أهلها لسانك، وقلبهم قلبك، وهويتهم هويتك، وآلامهم آلامك، نحن الهدف لغيرنا ولو اختلف المرمى، ونحن العدو المتبقي ولو اختلف المسمى.

        فمتى نصلح أنظارنا لتخرج من مداها الضيق القصير إلى فنائها الرحب الفسيح، ومن رؤية الصورة المصنوعة لها إلى الحقيقة المرادة لها.

        ومتى ينفك تفكيرنا من مخالب القطرية، التي أرغم عليها، وألبس ثوبها، وجُرع كأسَها، وفطم كثير منا عليها؛ ليدرك بقية جزئيات الكل، الذي هو واحد منه، ويستوعب بأفكاره أبعد نقطة ينتهي إليها قلبه ولسانه.

        وباللذين سبقا يصنع الإحساس بالكل المفقود، فنجعل من بلادنا العربية وطنـًا، ومن قطرنا فيها كمسقط الرأس فيه، ولا ضير أن يهوى الإنسان من وطنه مدينته ومن مدينته قريته.

        لنكُن كالجسد الواحد كما جاء في حديثهr، وندرك معنى قول عمرt بالمدينة: لو عثرت بغلة بالعراق لكنت مسؤولا عنها عند الله.

        فإذا استطعنا أن نحقق هذا الأمل؛ ليكون الكل هدفنا ومقصدنا في الحياة، فإننا سنكون ويكون الوطن، وذاك هو الأصل المطلوب، والأمر المرغوب، ولكن دونه بيد دونها بيد.

        وليس ذلك على الله بعزيز إذا خلصت النيَّات.

 

والله الموفق لما فيه الخير والصواب

 

الدكتور عزالدين بن زغيبة

أخبار المركز

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.