• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

مشكلة المصطلح بين العلمية والغوغائية

مشكلة المصطلح بين العلمية والغوغائية

تاريخ النشر
2020-07-02T00:44:44

إن المتتبع للإنتاج الفكري والأدبي الذي تدفع به المطابع يوميًا إلى القارىء العربي والمسلم يجد نفسه أمام أزمة كبيرة، تتعلق بالمصطلح، وطرق صياغته، ونحته، وكيفيّات استعماله، فيرى من الألفاظ مالا تحتمله قواعد اللغة على سعتها، ومنها مالا يسعفه التجانس أن يكون من بنائها. والأغرب من هذا كلّه أن تستعمل المقدسات في مواقع الترهات نحت عنوان الرمزية؛ أي أنَّ المقصود بها الرمز المحض، وليس معناها الحقيقي الذي تدل عليه بوضعها اللغوي، أو الشرعي، أو العرفي.

ونظرًا للمكانة السامية التي يتبوؤها المصطلح في كل علم لا تخفى أهميته على أحد، وبخاصة في المجال الديني، وذلك بالنظر للترابط الوثيق بين العلوم الشرعية المتنوعة واشتراكها في كثير من المعاني، وتداخل بعضها في بعض، مما يفضي إلى بعض الالتباس في ضبطها حيث يكون للمصطلح أثره الحاسم في ضبط تلك المعاني مع تعدد مدلولاتها، وتحديد المقصود بها في كل علم.

وربما كانت الحاجة إلى المصطلح أشدَّ إلحاحًا عند بروز العلوم العقليّة، وإتساع رقعة الجدل والمناظرة.

وتقسير المصطلح بما يستشفه المرء من كلام العلماء هو: لفظ ابتكره أو صاغه ثلة من المختصين في علم أو فن معين، لاستعماله للدلالة على قضية خاصة، ثم تعارف أهل ذلك العلم أو الفن على استعماله في ذلك الأمر، كما قد يفسر بأنه نقل دلالة لفظ من أمر إلى أمر آخر لمناسبة بينهما.

وحتى يكون المصطلح ذا أثر في علمه وفنه حدد له العلماء جملة من الضوابط، يمكن تلخيصها فيما يأتي:

  1. أن يضع المصطلح أهل الاختصاص في العلم المراد به ذلك المصطلح.
  2. أن يحظى المصطلح بقبول أهل صنعة واضعيه واستعمالهم، فينبغي ألا يصطلح الإنسان مع نفسه اصطلاحًا لا يعرفه غيره، يخرج به عن جادة الناس من أرباب صنعته.
  3. أن يكون واضح الدلالة، دقيق الإحالة، محددًا تحديدًا دقيقًا.

         وإضافة إلى هذه الضوابط اعتمد علماؤنا في وضع المصطلح وسائل عديدة، شملت كل العلوم الشرعية والعربية والعقلية والتجريبية  والوجدانية، وقد جمع الباحثون بالاستقراء هذه الوسائل فيما يأتي:

  1. اختراع أسماء لما لم يكن معروفًا كما فعل النحويين والعروضيون والمتكلمون.
  2. إطلاق الألفاظ القديمة الدالة على المعاني الجديدة على سبيل التشبيه والمجاز كما في الأسماء الشرعية.
  3. التعريب، وهو نقل الألفاظ الأعجمية إلى العربية بإحدى الوسائل المعروفة عند النحاة واللغويين.

فلو عرضت ما يعرضه عليك الآخرون من خلال كتاباتهم واجتهادا تهم في هذا المجال على هذه القواعد والضوابط، وخبرت طرق وضعهم لها، لعلمت الخضخاض من الأغلاط الذي يموجون فيه، والسخرية الكبيرة التي يتعاملون بها مع العقل العربي المسلم.

الدكتور عزالدين بن زغيبة

مجلة آفاق الثقافة والتراث

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.