• صدور العدد الثاني من مجلة السلام للاقتصاد الإسلامي - التحميل من الموقع

اجعلوا فعل الخير من أخلاق الناس ولا تكرهوهم عليه فلا يحل مال شخص إلا عن طيب نفس منه

اجعلوا فعل الخير من أخلاق الناس ولا تكرهوهم عليه فلا يحل مال شخص إلا عن طيب نفس منه

تاريخ النشر
2020-06-06T04:39:03

إن كل الأعمال الخيرية قائمة على أساس المواساة, والتكافل بين أفراد الأمة الإسلامية, الخادمة لمقصد الأخوة الواجب إقامتها بينهم, ولهذا فهي مصلحة حاجية جليلة, وأثر خلق إسلامي عظيم, لما فيه من تزكية النفوس, وتطهير للمجتمعات من داء البخل, ولما فيها من استجلاب المحبة وإبقاء المودة بين أفرادها, كما يقام بها الجم من مصالح المسلمين.

وإن مقصود الشريعة الأعظم من التبرعات والأعمال الخيرية هو إقامة مصالح ضعاف المسلمين وقضاء حوائجهم التي لا تستقيم حياتهم العادية إلا بتمامها, ولا يبلغ هذا المقصد تمامه إلا إذا كان الإنفاق بمقادير لها بال وبصورة دائمة وعامة حيث يستمر معها الإنفاق بمقادير متماثلة في سائر الأوقات, حيث قال تعالى ( ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ), لأن دوام الإنفاق وعمومه لا يحصل إلا ببذل الفاضل على حاجات المنفقين فلا يشق عليهم ولا يتخلف عن ذلك أحد,

إن الأصل في أموال الناس احترامها, فلا يحل لأحد مال غيره إلا عن طيب نفس منه, قال صلى الله عليه وسلم: ( لايحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه ), ولما كانت التبرعات هي إخراج المرئ جزءا من ماله قصد النفع العام من غير عوض يخلفه, إلا ابتغاء مرضاة الله والثواب الجزيل يوم القبامة, كان لزاما أن تصدر عنهم عن طيب نفس لا يخالجه تردد, لأنها من المعروف والسخاء , ولذلك كان قصد الشارع فيها أن تصدر عن أصحابها صدورا من شأنه أن لا تعقبه ندامة, حتى لا ينجر للمحسن ضرر من جراء إحسانه, فيحذر الناس فعل المعروف إذ لا ينبغي أن يأتي الخير بالشر, كما أشار إليه قوله تعالى: ( لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ) ( البقرة: 237).

وانسجاما مع ما ذهب إليه البخاري قال ابن رشد: ( إعارة المتاع من عمل المعروف وأخلاق المؤمنين فينبغي للناس أن يتوارثوا ذلك فيما بينهم ويتعاملوا به, ولا يشحوا به ويمنعوه, ومن منع ذلك وشح به فلا إثم عليه ولا حرج, إلا أنه قد رغب عن مكارم الأخلاق ومحمودها واختار لئيمها ومذمومها, لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه).

ولقد اعتنت الشريعة بهذا المقصد اعتناء شديدا حيث حرصت على عدم حصول أدنى درجة من عدم الرضا عند خروج الأموال من أيدي أصحابها في سبل الخير والتبرعات, فقد سئل أبو سعيد بن لب عمن وهبت هبة على وجه الخفاء والحياء, هل تطيب للمتصدق عليه أم لا؟ فأجاب قد قال الفقهاء في الصدقة إذا طلبت من المتصدق وفهم من حاله أنه أعطاها حياء وخجلا, أو غير طيب النفس : أنها لا تحل للمتصدق عليه.

إضافة تعليق جديد

This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.